جلال ووفاء عند ذكرى الفقيد العزيز ادريس البارزاني
دارا صديق نورجان
في شهر آذار عام 1944 وفي حقبة ثورة بارزان الثانية ولد ادريس
البارزاني في منطقة جبلية قاسية معروفة بالدفاع والصمود بوجه أعداء الكورد في
العراق وتطلعهم لحياة حرة كريمة تليق بشعب أصيل طيب الأعراق، الا ان عائلته
الكريمة، عائلة القائد الراحل مصطفى البارزاني قد وجدت نفسها في خضم تلك الأحداث،
لاجئة في كوردستان إيران وأدريس لم يتجاوز ال(2) من العمر الا بقليل، في ظل جمهورية
كوردستان الديمقراطية في مهاباد، وبعد سقوط الجمهورية الفتية تلك اثر تزاحم المصالح
الدولية الإيرانية والروسية والغربية ومن ثم لجوء الجنرال مصطفى البارزاني، والذي
خاض غمار معارك شرسة اذاق فيها قوات الشاه الإيرانية هزائم منكرة، لجوئه مع (500)
من رجاله الأشداء الى الاتحاد السوفيتي آنذاك، عاد الطفل ادريس مع عمه الشيخ احمد
البارزاني وعوائل البارزانيين إلى العراق حيث تعاملت الحكومة العراقية معهم بمنتهى
الشدة والقسوة واودعتهم مخيما فظيعا في منطقة ديانا ثم نفتهم الى جنوب العراق وحرم
ادريس من أكمال الدراسة الا قليلا تلقاها في كربلاء ولحين اندلاع ثورة 14 تموز 1958
وإعادتهم الى منطقة بارزان حيث قضى ادريس فترة طفولة قاسية بعيدا عن والده وعطفه
وحنانه ومباهج الحياة، تلك القساوة التي لو عاشها غير ادريس لخرج أنسانا معقدا يكره
الحياة برمتها الا انه تربى يافعا ثم شابا في منتهى الهدوء والحكمة والتواضع
والشجاعة في تحمل المسؤولية الاجتماعية والسياسية وكانت ابرز تلك المواقف قيادته
لواحدة من اعظم ملاحم البطولة التي سطرها بيشمه ركة كوردستان وهي ملحمة هندرين في
آيار عام 1966 والتي أثبت فيها جدارته كقائد ميداني لا يضاهى .... عن تلك الفترة
وما تلاها كتب الصحفي الفرنسي موريس يقول: التقيت هذا الشاب الرائع في احد الكهوف
عند جبل هندرين، وأقول عنه (الرائع) لأنه أطلعني بكل بساطة على برنامج عسكري سياسي
عصري ومسؤول بالذات عندما اصر على مشاركة الشيوعيين في تلك المعارك بقوله : سأثبت
للعالم زيف ادعاء الحكومة العراقية باننا لا نحقق شيئا دون مساعدة ايران ثم أريدها
حربا تعددية مقدسة يشارك فيها عموم أطياف شعبنا في الدفاع عن وطنهم كوردستان
وبالتالي ضمان تعاطف الاتحاد السوفيتي والعالم الحر مع قضية شعبنا العادلة، ويضيف
موريس: هذه المسائل وصعاب الماضي قد وضعت اسس قائد شاب متواضع يدافع عن شعبه بعيدا
عن الأضواء، منسيا من التاريخ إلى حد بعيد ...
لقد تدرب ادريس، ومنذ ريعان شبابه في مدرسة البارزاني مصطفى وخرج بها
ببطولات نادرة كان أعظمها قيادته لملحمة هندرين وضربات موجعة وقاتلة وجهها الى
قطعات النظام العراقي واجبرت النظام على الانصياع لطريق السلام وبالتالي توقيع
اتفاقية 11 اذار 1970 التاريخية بين النظام البعثي وبين قيادة ثورة أيلول التحررية
بزعامة الجنرال مصطفى البارزاني وكان لأدريس الدور الأساس في التوصل اليها وانبرى
مجددا قائدا سياسيا ومناضلا من اجل ترسيخ أسس الديمقراطية والأخوة والعدالة
الاجتماعية وبذل أقصى ما لدى البشر من ضبط النفس والجهود الجبارة لأبعاد شبح الحرب
والدمار عن الشعب الكوردي وعموم الشعب العراقي، الا ان السلطة البعثية قد تنصلت مع
الأيام عن التزاماتها ازاء اتفاقية آذار ومالت الى الحرب ثانية في اذار 1974 وشنت
على الشعب الكوردي أكثر الهجمات وحشية،مستخدمة عموم الأسلحة المحظورة دوليا ولمدة
عام كامل اثبت فيها ادريس جدارته القيادية باعتباره مسؤولا عن المكتب العسكري للحزب
الديمقراطي الكوردستاني حيث كان قد انتخب في عام 1971 عضوا في المكتب السياسي للحزب
فضلا عن توليه مسؤولية العلاقات الدولية للحزب والثورة ثم وصلت قوات النظام البعثي
مع حلول شهر آذار من عام 1975 الى حافة الانهيار ، وباعتراف الدكتاتور صدام وارفع
قادته العسكريين فقد اعترف رئيس اركان جيش صدام آنذاك بان (الاتفاقية قد وقعت مع
بقاء (70) قذيفة مدفع فقط لدى الجيش العراقي وأنهياره في عموم جبهات القتال)، لجأ
بعدها النظام الى توقيع اتفاقية الجزائر المشؤومة(آذار 1975)مع شاه إيران الذي قطع
كل طرق الإمدادات عن ثورة أيلول ،عندها فضل القائد مصطفى البارزاني بحكمته
المشهودة، ولأسباب ستراتيجية وتكتيكية أثبتت الأحداث فيما بعد صحتها ومبرراتها،لجأ
الى التراجع الستراتيجي المنظم حفاظا على قوات الثورة والمدنيين الكوردستانيين بشكل
عام، منح صدام بموجب اتفاقية الجزائر مناطق برية ومناطق مائية ستراتيجية في شط
العرب لأيران بدون مراعاة لسيادة العراق والتي لا تزال تلقي بظلالها السوداء على
اوضاع العراق ونفسية العراقيين ، وبعد انتكاسة ثورة ايلول في اذار 1975 بسنة واحدة
أدى ادريس البارزاني دورا متميزا في اندلاع شرارة ثورة 26 كولان /مايس 1976 كامتداد
سياسي وعسكري ونوعي لثورة أيلول وإعادة الكوادر السياسية والعسكرية الى كوردستان
العراق في هذا الاتجاه ...في عام 1979 ، وفي اوج الصراع بين الثورة التحررية
الكوردستانية وبين قوات البعث المزودة بأفتك الأسلحة المحظورة دوليا ، توفي القائد
الأسطوري مصطفى البارزاني،تاركا فراغا قياديا قاتلا لهذا الشعب الا ان ادريس
البارزاني ومسعود البارزاني قد تمكنا،بحكمتهما وجدارتهما وحب الشعب لهما ،من سد ذلك
الفراغ وتوحيد صفوف المقاومة الشريفة الوطنية بالتضامن مع القوى التحررية
الكوردستانية الأخرى ، ومضت ثورة شعب كوردستان وبخطى ثابتة نحو تحقيق أمانيه
المشروعة في التحرر من نير العداء العنصري ومحاولة صهر القومية الكوردية وأدى ادريس
البارزاني دورا متميزا في تحقيق المصالحة الوطنية الكوردستانية عام 1988وانبثاق
الجبهة الكوردستانية التي تولت فيما بعد قيادة انتفاضة شعب كوردستان في اذار 2001
وتحقيق مكتسبات متتالية من برلمان كوردستاني منتخب وحكومة اقليمية تولت أدارة شؤون
الإقليم بعيدا عن سلطات النظام البائد والعديد من الانجازات التي ضمنت احترام
العالم لشعب كوردستان وقضيته المشروعة ... في ذلك السفر الخالد الطويل وفي طريق
عودته من مؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في طهران سنة 1987 انتقل المناضل
والسياسي ومهندس المصالحة الوطنية ادريس البارزاني يوم 31/1/1987الى ذمة الله،
تاركا ارثا وطنيا في الاعتداد بكرامة الإنسان والدفاع عن الحقوق المشروعة لشعب
كوردستان . الذي يقف كل عام بتقدير وعرفان بالنضال أمام ذكرى رحيل الفقيد العزيز
ادريس البارزاني رمزا للأخوة والتسامح والمصالحة الوطنية ونشر السلام والوئام بين
عموم العراقيين . هذا الرجل الغالي ، ومهما كتبنا عنه ، لا يمكن ان نفيه من حقه
الوفاء ويكفي ان نتطرق الى أحد اروع مواقفه ومآثره الانسانية عندما انقذ في إحدى
ليالي تلك الأيام العصيبة (4000) عائلة كانت الثلوج قد حاصرتهم بين منطقتي وادي
ديانا وميركه سور وأوصلهم في آمان إلى داخل الحدود الإيرانية وما تزال دموع ساخنة
تنهمر من عيون أبناء تلك العوائل كلما ذكر إدريس البارزاني المناضل والإنسان.
في شهر آذار عام 1944 وفي حقبة ثورة بارزان الثانية ولد ادريس
البارزاني في منطقة جبلية قاسية معروفة بالدفاع والصمود بوجه أعداء الكورد في
العراق وتطلعهم لحياة حرة كريمة تليق بشعب أصيل طيب الأعراق، الا ان عائلته
الكريمة، عائلة القائد الراحل مصطفى البارزاني قد وجدت نفسها في خضم تلك الأحداث،
لاجئة في كوردستان إيران وأدريس لم يتجاوز ال(2) من العمر الا بقليل، في ظل جمهورية
كوردستان الديمقراطية في مهاباد، وبعد سقوط الجمهورية الفتية تلك اثر تزاحم المصالح
الدولية الإيرانية والروسية والغربية ومن ثم لجوء الجنرال مصطفى البارزاني، والذي
خاض غمار معارك شرسة اذاق فيها قوات الشاه الإيرانية هزائم منكرة، لجوئه مع (500)
من رجاله الأشداء الى الاتحاد السوفيتي آنذاك، عاد الطفل ادريس مع عمه الشيخ احمد
البارزاني وعوائل البارزانيين إلى العراق حيث تعاملت الحكومة العراقية معهم بمنتهى
الشدة والقسوة واودعتهم مخيما فظيعا في منطقة ديانا ثم نفتهم الى جنوب العراق وحرم
ادريس من أكمال الدراسة الا قليلا تلقاها في كربلاء ولحين اندلاع ثورة 14 تموز 1958
وإعادتهم الى منطقة بارزان حيث قضى ادريس فترة طفولة قاسية بعيدا عن والده وعطفه
وحنانه ومباهج الحياة، تلك القساوة التي لو عاشها غير ادريس لخرج أنسانا معقدا يكره
الحياة برمتها الا انه تربى يافعا ثم شابا في منتهى الهدوء والحكمة والتواضع
والشجاعة في تحمل المسؤولية الاجتماعية والسياسية وكانت ابرز تلك المواقف قيادته
لواحدة من اعظم ملاحم البطولة التي سطرها بيشمه ركة كوردستان وهي ملحمة هندرين في
آيار عام 1966 والتي أثبت فيها جدارته كقائد ميداني لا يضاهى .... عن تلك الفترة
وما تلاها كتب الصحفي الفرنسي موريس يقول: التقيت هذا الشاب الرائع في احد الكهوف
عند جبل هندرين، وأقول عنه (الرائع) لأنه أطلعني بكل بساطة على برنامج عسكري سياسي
عصري ومسؤول بالذات عندما اصر على مشاركة الشيوعيين في تلك المعارك بقوله : سأثبت
للعالم زيف ادعاء الحكومة العراقية باننا لا نحقق شيئا دون مساعدة ايران ثم أريدها
حربا تعددية مقدسة يشارك فيها عموم أطياف شعبنا في الدفاع عن وطنهم كوردستان
وبالتالي ضمان تعاطف الاتحاد السوفيتي والعالم الحر مع قضية شعبنا العادلة، ويضيف
موريس: هذه المسائل وصعاب الماضي قد وضعت اسس قائد شاب متواضع يدافع عن شعبه بعيدا
عن الأضواء، منسيا من التاريخ إلى حد بعيد ...
لقد تدرب ادريس، ومنذ ريعان شبابه في مدرسة البارزاني مصطفى وخرج بها
ببطولات نادرة كان أعظمها قيادته لملحمة هندرين وضربات موجعة وقاتلة وجهها الى
قطعات النظام العراقي واجبرت النظام على الانصياع لطريق السلام وبالتالي توقيع
اتفاقية 11 اذار 1970 التاريخية بين النظام البعثي وبين قيادة ثورة أيلول التحررية
بزعامة الجنرال مصطفى البارزاني وكان لأدريس الدور الأساس في التوصل اليها وانبرى
مجددا قائدا سياسيا ومناضلا من اجل ترسيخ أسس الديمقراطية والأخوة والعدالة
الاجتماعية وبذل أقصى ما لدى البشر من ضبط النفس والجهود الجبارة لأبعاد شبح الحرب
والدمار عن الشعب الكوردي وعموم الشعب العراقي، الا ان السلطة البعثية قد تنصلت مع
الأيام عن التزاماتها ازاء اتفاقية آذار ومالت الى الحرب ثانية في اذار 1974 وشنت
على الشعب الكوردي أكثر الهجمات وحشية،مستخدمة عموم الأسلحة المحظورة دوليا ولمدة
عام كامل اثبت فيها ادريس جدارته القيادية باعتباره مسؤولا عن المكتب العسكري للحزب
الديمقراطي الكوردستاني حيث كان قد انتخب في عام 1971 عضوا في المكتب السياسي للحزب
فضلا عن توليه مسؤولية العلاقات الدولية للحزب والثورة ثم وصلت قوات النظام البعثي
مع حلول شهر آذار من عام 1975 الى حافة الانهيار ، وباعتراف الدكتاتور صدام وارفع
قادته العسكريين فقد اعترف رئيس اركان جيش صدام آنذاك بان (الاتفاقية قد وقعت مع
بقاء (70) قذيفة مدفع فقط لدى الجيش العراقي وأنهياره في عموم جبهات القتال)، لجأ
بعدها النظام الى توقيع اتفاقية الجزائر المشؤومة(آذار 1975)مع شاه إيران الذي قطع
كل طرق الإمدادات عن ثورة أيلول ،عندها فضل القائد مصطفى البارزاني بحكمته
المشهودة، ولأسباب ستراتيجية وتكتيكية أثبتت الأحداث فيما بعد صحتها ومبرراتها،لجأ
الى التراجع الستراتيجي المنظم حفاظا على قوات الثورة والمدنيين الكوردستانيين بشكل
عام، منح صدام بموجب اتفاقية الجزائر مناطق برية ومناطق مائية ستراتيجية في شط
العرب لأيران بدون مراعاة لسيادة العراق والتي لا تزال تلقي بظلالها السوداء على
اوضاع العراق ونفسية العراقيين ، وبعد انتكاسة ثورة ايلول في اذار 1975 بسنة واحدة
أدى ادريس البارزاني دورا متميزا في اندلاع شرارة ثورة 26 كولان /مايس 1976 كامتداد
سياسي وعسكري ونوعي لثورة أيلول وإعادة الكوادر السياسية والعسكرية الى كوردستان
العراق في هذا الاتجاه ...في عام 1979 ، وفي اوج الصراع بين الثورة التحررية
الكوردستانية وبين قوات البعث المزودة بأفتك الأسلحة المحظورة دوليا ، توفي القائد
الأسطوري مصطفى البارزاني،تاركا فراغا قياديا قاتلا لهذا الشعب الا ان ادريس
البارزاني ومسعود البارزاني قد تمكنا،بحكمتهما وجدارتهما وحب الشعب لهما ،من سد ذلك
الفراغ وتوحيد صفوف المقاومة الشريفة الوطنية بالتضامن مع القوى التحررية
الكوردستانية الأخرى ، ومضت ثورة شعب كوردستان وبخطى ثابتة نحو تحقيق أمانيه
المشروعة في التحرر من نير العداء العنصري ومحاولة صهر القومية الكوردية وأدى ادريس
البارزاني دورا متميزا في تحقيق المصالحة الوطنية الكوردستانية عام 1988وانبثاق
الجبهة الكوردستانية التي تولت فيما بعد قيادة انتفاضة شعب كوردستان في اذار 2001
وتحقيق مكتسبات متتالية من برلمان كوردستاني منتخب وحكومة اقليمية تولت أدارة شؤون
الإقليم بعيدا عن سلطات النظام البائد والعديد من الانجازات التي ضمنت احترام
العالم لشعب كوردستان وقضيته المشروعة ... في ذلك السفر الخالد الطويل وفي طريق
عودته من مؤتمر المعارضة العراقية المنعقد في طهران سنة 1987 انتقل المناضل
والسياسي ومهندس المصالحة الوطنية ادريس البارزاني يوم 31/1/1987الى ذمة الله،
تاركا ارثا وطنيا في الاعتداد بكرامة الإنسان والدفاع عن الحقوق المشروعة لشعب
كوردستان . الذي يقف كل عام بتقدير وعرفان بالنضال أمام ذكرى رحيل الفقيد العزيز
ادريس البارزاني رمزا للأخوة والتسامح والمصالحة الوطنية ونشر السلام والوئام بين
عموم العراقيين . هذا الرجل الغالي ، ومهما كتبنا عنه ، لا يمكن ان نفيه من حقه
الوفاء ويكفي ان نتطرق الى أحد اروع مواقفه ومآثره الانسانية عندما انقذ في إحدى
ليالي تلك الأيام العصيبة (4000) عائلة كانت الثلوج قد حاصرتهم بين منطقتي وادي
ديانا وميركه سور وأوصلهم في آمان إلى داخل الحدود الإيرانية وما تزال دموع ساخنة
تنهمر من عيون أبناء تلك العوائل كلما ذكر إدريس البارزاني المناضل والإنسان.